أمام تواصل الاعتداءات في حق الصحفيين وحرية الصحافة واتّخاذها أشكالا جديدة بتطوّر التقنيات الحديثة للتواصل بات من الضروري إيجاد إطار مؤسساتي يقيم الدليل على مدى التزام السلطة السياسية وتبنّيها لمبدأ حرية الصحافة، خاصة وأن تونس على أبواب عدّة متغيّرات سياسية واجتماعية سيكون الإعلام فيها بوصلة لضمان حسن سيرها وتحسين أوضاع المواطنين وضمان حقوقهم مما يتطلّب مساعدة الصحفيين لممارسة مهنتهم خارج إطار الضغط والهرسلة والتضييقات وتحديد مجال العمل، وفي ظل بيئة آمنة ترتقي بجودة المنتوج الصحفي.
لذلك بات طموح الصحفيين التونسيين في تركيز آلية وطنية مستقلة حول سلامة الصحفيين ووضع حدّ للإفلات من العقاب مشروعا، فمن الضروري اليوم أن تكون هناك منظومة تتلقّى الشكاوى وتنظر وتفصل فيها وتحيل الملفات إلى الأطراف الوطنية ذات النظر سواء كانت قضائية أو شبه قضائية أو تشريعية أو تنفيذية.
من ناحية أخرى تتواصل الاعتداءات في حق الصحفيين وحرية الصحافة لكن وتيرتها تراجعت خلال شهر نوفمبر من العام 2017 ، ووثّقت وحدة رصد الاعتداءات على الصحفيين وحرية الصحافة بمركز السلامة المهنية بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين 10 اعتداءات ضدّ 11 صحفيا ومؤسسة إعلامية، من بينهم 7 صحفيات و 4 صحفيين يعملون في 3 قنوات تلفزية و4 إذاعات وصحيفة ومواقع الكترونية. وكان شهر أكتوبر 2017 قد شهد ارتفاع وتيرة الاعتداءات حيث سجلت الوحدة 15 اعتداء ضدّ 32 صحفيا ومؤسّسة إعلامية من بينهم 11 صحفية و21 صحفيا يعملون في 5 قنوات تلفزية و11 إذاعات و3 صحف و2 مواقع الكترونية ووكالة أنباء.
وقد تصدّر المواطنون والموظّفون العموميون والمجهولون صدارة ترتيب المعتدين خلال هذا الشهر باعتداءين لكلّ منهم في حين عاد كل من القضاء والأحزاب السياسية إلى قائمة المعتدين على الصحفيين و دخل الكتّاب على قائمة المعتدين لأوّل مرة خلال الأشهر التسع السابقة.
اللاّفت خلال هذا الشهر هو تراجع الاعتداءات الأمنية على الصحفيين ليكونوا مسؤولين هذا الشهر على اعتداء وحيد.
الأمر اللاّفت خلال هذا الشهر تمثّل في عودة التهديدات لتطال الصحفيين في 3 حالات وعودة التتّبع القضائي لتطال الصحافيين في حالة وحيدة. وتواصلت حالات المنع من العمل والمضايقات وسجّلت وحدة الرصد حالتي مضايقة و 3 حالات منع من العمل في الوقت الذي تراجع فيه عدد الاعتداءات ليصل هذا الشهر الى اعتداء وحيد (لفظي).
وقد كانت النسبة الأكبر من الاعتداءات على الصحفيين في تونس العاصمة التي شهدت 8 اعتداءات ، ووقع تسجيل اعتداء في كلّ من ولايات تطاوين وقفصة.
التوصيات
إنّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إذ ترحّب بتراجع الاعتداءات خلال شهر نوفمبر من العام 2017 وفي ظلّ ظهور فاعلين جدد وعودة أخرين إلى قائمة المعتدين فإنّها توصي :
- رئاسة الحكومة إلى الإلغاء الفعلي للعمل بمقتضيات المنشور عدد 4 ورفع الحظر على المعلومة
- القضاء إلى احترام سعي الصحفي إلى نقل المعلومة للمواطن في قضايا الرأي العام وفق ما يقتضيه القانون دون المساس من سرية التحقيقات أو سير الأبحاث.
- المثقفين والأحزاب السياسية إلى احترام طبيعة العمل الصحفي وسعيه إلى كشف الحقيقة ونقل المعلومة للمواطن بشكل موضوعي ومتوازن.
- المواطنين إلى اللّجوء إلى هيئة الإعلام السمعي البصري في حال سعيهم إلى التظلّم تفاعلا مع مقتضيات القانون المنظّم للقطاع السمعي البصري والذي ينصّ على جملة المخالفات والعقوبات المرتبطة بها في إطار ضمان الانتصاف لهم.
وإنّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وبعد مواصلتها عملها الدؤوب في رصد الاعتداءات على الصحفيين وتدخّلها في المستجدات المتعلّقة بالتغيرات التشريعية الحاصلة في علاقة بالإعلام فإنها توصي:
- مجلس نواب الشعب بالاستماع لها في ما يتعلّق بتعديل مشروع قانون الهيئة العليا لحقوق الإنسان في علاقة بإحداث لجنة قارة صلبها تعنى بسلامة الصحفيين.
- الحكومة بتبني مشروع الاتّفاقية الدولية لحماية الصحفيين التّي أطلقها الاتّحاد الدولي للصحفيين ودعمها خلال طرحها لدى الأمم المتحدّة وعرضها على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليها .
- رئاسة الحكومة التونسية إلى تفعيل قرار الجمعية العامة للأمم المتّحدة المتعلّق بحماية الصحفيين الصادر في 20 نوفمبر 2017.
- شركاء المؤسّسات الإعلامية باحترام استقلالية المؤسّسات وعدم التدخّل في المحتويات الإعلامية والتعامل على قدم المساواة مع كلّ الصحفيين.
- الهياكل الرسمية إلى عقد اجتماعات متواترة مع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لتدارس مقترحات تركيز آلية وطنية لحماية الصحفيين التونسيين في اتجاه توفير بيئة آمنة لهم لممارسة العمل الصحفي.
أنجز هذا التقرير في إطار برنامج يُنفّذ بالشراكة مع :
- المفوضية السامية لحقوق الانسان
- اليونسكو